السينما والدوافع النفسية الاساسية المال الجنس القوة

September 16, 2023, 10:04 pm, By Almohannad Alnasser


post image

تتحرك الكائِنات البَشريّة مَدفوعة برغبات مثل الجوع ، والجِنس، والعُنف ، والبَحث عَن أحد تِلك المُتع هو ما يكثر وُجوده فٍي الأفلام.

لقد ولدنا بمجموعة من الدوافع الأساسية المتمثلة عند فرويد بـالـ "هو" والتي سرعان ما ندرك أن إشباعها بشكلٍ كامل أمرٌ مستحيل، فنتحايل ونتفنن ونتعلم كيف نقدِّم المساومات والتنازلات الضرورية في الحياة وهو ما يمكن الرمز له بالـ "أنا"، وفي النهاية تكسبنا البيئة والثقافة والمجتمع والأهل حساً مزدوجاً يتأرجح بين الصواب والخطأ وهو الـ "أنا الأعلى".

إذا أخذت قصة ليلى والذئب little red riding hood على سبيل المثال فإن اللون الأحمر في معطف ليلى يمثل الثورة والصخب والفوضى فيما ليلى نفسها تعكس الأنوثة والخصوبة ونرى أن ليلى أرادت اشباع رغباتها بعدم الانصياع لأوامر والدتها وبخوض مغامرة تأخذها إلى غابةٍ كبيرة مملوءة بالأزهار والطيور غير مدركة ما يمكن أن تحف تلك الغابة من أخطار والغابة هنا ترمز إلى النفس التي تغويها عن طريق ذئب يرمز للرغبات والدوافع الحيوانية أو الـ "هو" ويدفعها إلى التوغل بعيداً في تلك الغابة ليتمكن الذئب من الوصول إلى منزل جدتها والتي تمثل حالة من الـ "أنا الأعلى" لابتلاعها. ثم ابتلاع ليلى كنوعٍ من التهديد لها أنها ستصير إلى مصير مجهول في حال قامت بتفعيل رغباتها بالحرية والانطلاق أو عدّم الانصياع للوالدين، إذا نظرنا إلى السينما فنجد أن معظم القصص تبنى على المبادئ عينها للدوافع البشرية القوة والمال والجنس ويمكن أن أضرب أمثلة كثيرة جداً ولكن سأتحدث هنا كمثال عن فيلم "طيران فوق عش الواقواق" One Flew Over the Cuckoo's Nest حيث نلاحظ جلياً أن ماكمورفي McMurphy "جاك نيكلسون" Jack Nicolson المتهم بعدة قضايا منها الاعتداء الجنسي والإدمان الكحولي والقمار نجده شخصية جذابة مرحة محبوبة معشوقة من النساء وحتى من الأصدقاء وهو بطبيعة الحال أكثر حريّة من الجميع ثائراً ضد المعايير الاجتماعية والسلطة القمعية المتمثلة بشخصية الممرضة "راتشد" Nurse Ratched التي غالباً ما نرى سلوكها البارد وتكتيكاتها المحسوبة للتحكم بالمرضى في ترميز للمعايير الاجتماعية القمعية التي تحدد الانسجام وتخمد الفردية. ويستكشف الفيلم التوتر بين الاندماج وبين التفرد فيُتوقع مثلاً من المرضى في المستشفى النفسي والذين يشكلون كافة أطياف المجتمع الامتثال للوائح صارمة مما يكبت هويّاتهم الحقيقية ودوافعهم المتمثلة بالـ "هو" ليدخل مكمورفي ملهماً الجميع اعتناق هويّاتهم الحقيقية وإظهار شخصيّاتهم عن طريق الاقتناع بهويّتهم التي تتمثل في أغلب المواقف بمجموعة من الدوافع مثل التدخين، الجنس، الكحول، القمار، ويشير إلى أن الصحة العقلية الحقيقية إنما تكمن في حرية أن تكون نفسك وتقاوم الضغوط الاجتماعية التي تجبرك على الانسجام وتسلبك جوهرك الحقيقي. مع نهاية الفيلم نرى أن مكمورفي الثوري والمجرم الجامح يتعرض لجراحة "بَضع الفص الجبهي" Lobotomy وأن الشخص الوحيد الذي تحرر من المجتمع أو من ذاك السجن كما صوّره الفيلم هو "تشيف" Chief الذي خدّع الجميع بأنه أخرس وأطرش ولكنه يمتلك قوة بدنية هائلة تمكنه من الوصول إلى هدفّه المنشود وهنا يظهر نيتشه بفلسفة القوة ولعلَّ هذا ما أراد المخرج أن يوصله من الفيلم.

إذا عدتُ إلى أمثلة أخرى فنجد نتائجاً مشابهة عن أن قمع الرغبات أو الـ "هو" سيجنبك الكثير من المتاعب ولنأخذ فيلم (الصرخة) فنجد أن البنات اللعوبات والمنغمسات في دوافعهن الجنسية هن من لا ينجين من الموت المحتَّم وغالباً ما يكون موتهن أكثر عنفاً وتتم إطالة المدة الزمنية له، حتى في أفلام المختلين النفسيين غالباً ما نرى أنهم يتمتعون بثلاثة أشياء رئيسية الجاذبية، المال، والقوة البدنية كفيلم صمت الحملان لـ أنطوني هوبكينز Anthony Hopkins الذي يمثل شخصية الدكتور هانيبال ليكتر Hannibal نجد أنه يتمتع بحريّة كبيرة خارج سجنه من المال والقوة البدنية والذكاء الشديد والجاذبية الجنسية، وحتى داخل سجنه فهو يتمتع بحريّة الخيال وبمميزات لا تمنح لغيره من المساجين ونجد أن الأمن والسلطات هي من تطلب منه أن يعمل معها وغالباً ما يتغلب بذكائه عليهم. فيجتمع له المال والجنس والقوة كلٌ في آن معاً، وفي الواقع فإن لدى الشخصيات السايكوباثية في الأفلام شعبية كبيرة وجمهور واسع من المحبين والمتعاطفين أكثر من المتعاطفين مع الضحايا، وهنا يخطر لي أن هذا الوضع لا ينطبق فقط على الأفلام، ولكن يتعداه إلى لواقع فكثيراً ما رأينا تعاطفاً مثيراً للانتباه مع القتلة المتسلسلين، وحتى القتلة العاديين في حال امتلكوا الجاذب أو الذكاء مثال على ذلك "تيد بوندي" و"جيفري داهمر".

المُهَنّدْ النَاصِرْ


التعليقات



Roussel

2023-09-20 03:09:38

من الجميل قراءة مقال شامل بهذه الدرجة كل التوفيق



أضف تعليق
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق

© Copyright Maher Sarem 2024

Facebook Twitter LinkedIn instagram tiktok youtube