اضطرَاب الشَخصِيّة الحديّة في مُسلسل "الانجِذَاب القاتِل"
قرأتُ مُؤخراً فِي صَحِيفة "الجارديان" انتقاداً تَنَاول المُسلسَل الجَدِيد المَأخُوذ بِالأصل عَن فِيلْم بِنَفس العُنوَان، اعتَبرَ المَقال أنَّ المسلسل ليسَ جَذّاباً بِدرَجة الفِيلم، ولكِنهُ بِنفسِ دَرجةِ الانحِياز أو التَميِيز الجِنسي، وانطلق كاتب المقال من مفهوم أن المُسلسل تَعاطَف كَمَا فِي الفِيلم مع الزَوج الخائِن، بينما قامَ بِتقدِيم "أليكس" عَلى أنها قاتِلَة مَعتُوهَة، مُتعَطِشَة للثأر، مُتنَاسِياً أنَّ كلٍ مِن الفِيلم والمُسلسَل يُقدِمَان شَخصِيّة تُعانِي حَالة مُتَقدِمّة مِن "اِضطِرَابِ الشَخْصِيةِ الحَديِّة"، فَمِن وِجهَة نَظَر التَحلِيل النَفسِي وبِالعَودَةِ إلى الفِيلْم الأَصلِي فَإنَّ كلاً مِن المُخرِج والمُمَثِلة قَد استِطَاعَا بِحِرَفِيَة أن يصوِّرَا المُعادَلات والتَقلُبَات النَفسِية لِشَخصِية مُصابَة باضطراب الشخصية الحدية سَواءً بِإظهَارِ المُيُولِ الانتِحارّية، التَشويِش، الصُورَة الذاتِيَة غَير المُستَقِرّة، نَوبِاتِ الغَضبِ العَارِم والتَقلُباتِ المِزاجيّة، بالإضافةِ إلى اعتقاد "أليكس" أنّها لا تَستحِق الحُب. تِلكَ الشَخصِية المُتَقلِبة تَنعَكِس عَلى عَلاقَاتِها المُضطرِبَة، خَاصَة حِين تُحاوِل الانتِحَار أَمام عَشِيقِها فِي مُحاوَلةٍ يَائِسَة إلى جَذبِ الاهتِمَام الاِنْتِبَاه، بالإِضَافةِ إلى انعِدام القُدرَة عَلى إِدَارَة العَواطِف نَاهِيكَ عَن سُلًوكِيَاتِها الفَوضَوِيّة والتي تترنح بين الابِتعاد الهادئ والتَعلُق المَرَضي، وقَد استَطاعَ المُخرِج تَجسِيد ذَلِك بِعَبقَرِيّة في أحدِ أهمِ مَشاهِد الفِيلم حِين نَرى "ألِيكس" وَحيدةً فِي مَنزِلها تَقُوم بِإشعَال وإِطفَاء المِصبَاح الكَهرُبَائي كَتَعبِير رَمزِي عَن حَالَاتِ التَقَلُب المِزاجِي والتَأرجُح بَينَ الظَلامِ والنُور.
المُهَنَّدْ النَاصِرْ